مسلسلات رمضان

العمل وبرج الميزان

المدير الميزان :
من الصعب أن يكون رجل برج الميزان رب عمل مستـقلا ً وذلك لإيمانه بمبدأ المشاركة في جميع الحقول والميادين، فإذا وُجد على رأس مؤسسة أو شركة ما لا بد من أن يكون إلى جانبه، ولو لم يظهر علانية، على الأقل شريك واحد، على كل حال سواء أوجد الشريك أم لم يوجد يبقى رجل الميزان في سدة الرئاسة إنساناً قلقاً في قرارة نفسه وإن بدا عكس ذلك، وهو قلما يلازم مكتبه طويلا ً بل يخرج منه المرة تلو المرة دون أن تظهر عليه العجلة أو الاهتمام الشديد، وبكلام آخر يبدو ساكناً هادئاً على الرغم من انهماكه في العديد من الأفكار والأعمال، تلك الظاهرة هي من بين التـناقضات الكثيرة التي فـُطر عليها.

يبقى رجل برج الميزان على الرغم من علو شأنه إنساناً خجولا ً دمث الطبع يسعى إلى التلاحم مع غيره عن طريق المحادثة الإيجابية، لكن من الخطأ الاعتقاد أنه يثرثر أو يرمي الكلام جزافاً، إنه ولا ريب يُهيّئ آراءه وأقواله قبل الإفصاح عنها، ولهذا السبب يستطيع الاستمرار في كلامه السلس المُنمّق دون أن تضعف حججه وقوة إقناعه، وبما أنه إنسان موضوعي ومُحلل من الدرجة الأولى يُفضل دائماً منح الآخرين فرصة التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم كي تتسنى له المقارنة الصحيحة، ومن ثم الخروج بأفضل الاستنتاجات، ومع لك لا يُستبعد أن يرجع عن قراراته النهائية بعد طول البحث والتفكير الأمر الذي يُحيّر من حوله دون أن يُسبب له أدنى انزعاج، المهم بالنسبة إليه هو أن يبقى ذلك التوافق بين عقله ومشاعره الأخرى، تلك هي حكمته الأساسية.

بين أرباب العمل التابعين لبرج الميزان نساء كثيرات يعملن في مكاتب في غاية النظافة والتنسيق وينجحن في خلق أجواء من السكينة والهدوء مستمدة من حكمة الشرق التي تستهويهن، وهن يحطن أنفسهن عادة بالزهر والنبات والموسيقى والمرايا والألوان الهادئة ويقضين أوقاتهن بالمطالعة والاختلاط بزملاء العمل، ولكنهن لا يترددن في إظهار القسوة والصرامة إذا ما دعت الظروف إلى ذلك، والطريف أنهن أصلب من رجل برج الميزان في معاملتهن للموظفين والمستخدمين، يُضاف إلى هذا أنهن يكرهن الاستغابة والنميمة ولا يسمحن بأن تتردد الشائعات داخل المكتب، وهن يحفظن الأسرار ولا يتدخلن في ما لا يعنيهن، ومع ذلك يبقين نساءً في الدرجة الأولى، أي أنهن يتعرضن للوقوع في الحب دون أن يفقدن وعيهن الكامل، بقي القول أن أناقة ربات العمل هؤلاء تـُلفت الانتباه حقاً.

يحتاج رب العمل في برج الميزان، رجلا ً كان أو امرأة، إلى الطعام الجيد المتعدد الأصناف وإلى الراحة ساعة على الأقل خلال النهار، وهو يكره الضجيج والأصوات العالية والكلام الفظ، ويحب دعوة موظفيه إلى منزله حيث يُجيد استقبالهم ويشرف على راحتهم بنفسه، هذا ويتهمه البعض بالبخل بينما يراه البعض الآخر سخياً جداً، والحقيقة أن فيه الصفتين معاً الأمر الذي يُعتبر أحد تناقضاته.

يتصرف هذا الإنسان في المكتب وخارجه تصرفاً لائقاً يرضى عنه الجميع، وهو يؤمن بالأعمال المشتركة، كما ذكرنا سابقاً، ولهذا السبب يـُشجّع على إيجاد النقابات المختلفة وعلى تطبيق العدالة بين جميع الناس، وهو في موقفه هذا يُـثبت أنه بعيد عن الأنانية وجدير بالثقة والاحترام، وليس كما يتصوره البعض، إنه على الرغم من أخطائه إنسان عظيم في رجاحة عقله وسلامة منطقه، وهذا وحده كفيل بمحو سيئاته الأساسية التي هي التردد في اتخاذ الرأي والرجوع عنه في بعض الأحيان .


الموظف الميزان :
يمتاز الموظف المولود في برج الميزان بحس مرهف تجاه الأشياء والأشخاص مما يؤثر في مزاجه وكفاءته فيأخذان في الصعود والهبوط مثل كفتي الميزان الحقيقي، من العوامل التي تؤثر فيه بصورة سلبية فلا يعطي كل ما يقدر عليه الضجيج والصراخ والاستعجال وتصلــّب الأوامر بينما يتفاعل إيجابياً مع الهدوء والصبر واللطف والموسيقى والألوان الهادئة..الخ.

هذا الرجل في أفضل حالاته وسيط خير ومحبة بين زملاء العمل، يُقرب وجهات النظر ويجمع الشمل ويُصفي النيّات، وهو كثيراً ما ينتمي إلى النقابات والجمعيات حيث تتسنى له فرص أكثر للدفاع عن حقوقه وحقوق الآخرين، لذلك يظل يُجادل ويُناقش ويبحث ويسأل دون أن يتخلـّى عن المنطق والحكمة اللذين منت الطبيعة بهما عليه، غير أن من الصعب معرفة ما يُرضيه أو يُزعجه بصورة مستمرة، فهو قد يكره فجأة ما كان يحب أو يحب ما كان يكره، ومهما يبدر منه يظل الصراخ أو العنف أسوأ وسيلة تـُسيّره، في هذه الحالة يتخلى عن دماثته واعتداله ويصبح كسولا ً عنيداً ولو أغضب الجميع.

لا بد من أن يكون هذا الإنسان مُبحراً في القانون أو خبيراً بحقل ما بالإضافة إلى عمله الأساسي، وهو ينتمي غالباً إلى ناد ثقافي أو مكتبة حباً بالمطالعة، هذا ومن هواياته المفضلة النزهات الطويلة سيراً على القدمين والاستماع إلى الموسيقى أو العزف على آلة ما وقراءة المواضيع الفلسفية أو مناقشتها، أما الموظفة الأنثى في برج الميزان فتبدو حلوة الوجه ساحرة الابتسامة كاملة الأناقة، وهي كزميلها تنتمي إلى أحد النوادي وتقرأ بكثرة وتمشي المسافات الطويلة، وكلاهما يكره الوحدة ويسعى لإقامة العلاقات الطبيعية بأفراد الجنس الآخر، كذلك يهتم الموظف الذي ينتمي إلى برج الميزان بالمجلات التي تتناول المواضيع الجنسية شرط أن تكون ذات مستوى رفيع، إنه قلما يعيش وحيداً، فهو إمّا متزوج أو يوشك أن يتزوج أو له صديقة أو أكثر.

إن هذا الموظف فنان لا في الموسيقى وحسب بل في حقول أخرى كثيرة أيضاً، أما في الأعمال التي ينجح فيها أكثر من سواها فتـتـناول الطب والقضاء والتأليف والنشر والمسرح والسياسة والتموين والديكور والزراعة والدين، ومهما يكن نوع عمله لا يستطيع تأديته على أكمل وجه إلا إذا أمن لنفسه الهدوء والسكينة بعيداً عن كل ما يُشكل في نظره ضغطاً أو ملاحقة، على هذا الأساس يكون فعلا ً رسول خير ومحبة.

لقد شبّه زملاء العمل رجل برج الميزان أكثر من مرة بالجهاز المكيّـف للهواء، كلاهما يؤمن أفضل مناخ للإنتاج الجيد مع فارق بسيط هو أن أحدهما يبقى جامداً لا حراك فيه بينما الثاني يفيض بالحركة والكلام والابتسامة الساحرة خاصة.