مسلسلات رمضان
الاكتئاب.. قدر الكتاب والأدباء
11/03/2006

هيمنجواي.. خرق رأسه برصاصة وانتحر

كم من الكتاب والأدباء ماتوا كمدا.. لعل أشهرهم، هيمنجواي الذي خرق رأسه برصاصة وانتحر، كما شق أحدهم بطنه في اليابان بسيف أجداده، وأحرق آخر نفسه مطالبا بالعدل والديمقراطية، أما الكاتب الأسعد حظا فهو الكاتب الذي يعانى وهو واقف على قدميه.. مصابا بالاكتئاب!

يلاحظ المتابع أن كثيرين ممن تعاطوا الأدب والشعر وأدمنوا الكلمة، يصابون في صمت بتلك الحالة المرضية، وعلى درجات متفاوتة.

وتختلف درجة استقبال الكاتب لتلك الحالة: منهم من يدعى أنها من الأمور الطبيعية، ويجد في الحديث عن أعراضها، متعة التلذذ بالألم.. ومنهم من يرفض البوح بها ظنا منه أنه يتألم ويعانى من جراء ما يعي ويفهم، وهذا قدره مع فرط وعيه.. ومنهم من يذهب إلى الطبيب النفسي في صمت، ولا يخبر غيره، ولا حتى زوجته.. ومنهم من يعلم أنه يعاني، ولا يعلم أنه الاكتئاب الذي يجب عليه مواجهته بالذهاب إلى الطبيب النفسي، فيذهب إلى محاولة الانتحار، وقد ينجح ويرصد تلك اللحظات الأخيرة من مقتله أو موته، كما فعل الكاتب المصري "رجاء عليش"، فور الانتهاء من روايته "كلهم أعدائي".. ثم من يسعده الحظ أو القدر أو أن يلطف به الله، تفشل محاولة انتحاره، ويعود ربما أكثر ايجابية إلى الحياة بعد إنقاذه.

توجد إحصاءات متوافرة للإعلان عن جوانب الصورة بصفة عامة في العالم، إلا أننا نعلم أن أعلى نسبة انتحار في العالم، هي بين فئة الشباب في البلاد الاسكندنافية (السويد-الدنمارك-هولاندا).. وهناك نسبة غير قليلة بين المنتحرين ومدمني الخمور وغيرها، في أوروبا وأمريكا من الفنانين عموما في شتى الفنون.

ربما يمكن إجمال أسباب الظاهرة في عدد من الأسباب: عدم توافق الحلم والأماني الشخصية مع معطيات الواقع ماديا وأدبيا للكاتب.. وهى غالبا ما تتصل بالكتاب الشباب وممن هم في منتصف العمر. أما الإحساس بالقهر المادي والأدبي أو الإحساس بالا جدوى في واقع عالمي تغلب عليه قيم القوة الطاغية، والعدوان، ومحاولات الهيمنة وقهر الآخر، مع تحلل مفاهيم احترام القيم العليا والثوابت، وضياع قيم العدل والحق.

لأن الكاتب يعيش أفكاره ويتمنى تحقيق أحلامه، بينما الواقع المعاش، قاهر على المستوى الفردي والجمعي، ولأنه أكثر حساسية عن غيره، ثم يشعر بعدم الجدوى نظرا للمحبطات المتتالية.. فلا نتيجة إلا "الاكتئاب"، وعلى درجات متفاوتة، ولا يبقى سوى الوعي بها.. ربما يمكن تلافيها!