منذ سنوات طويلة، يتنبأ الخبراء والمبدعون وصناع الجمال بتطوير عالم الجمال والتجميل. وبالفعل شهدنا تغيرات ديناميكية بفضل التقدم التكنولوجي والتحول الثقافي، وهنا يُطرح سؤال: كيف سيبدو مستقبل الجمال في السنوات المقبلة، وهل لا تزال هناك اتجاهات لم ترَ النور حتى عصرنا التكنولوجي السريع؟ خبراء الجمال والعناية الشخصية في حديثهم مع مجلة «إن ستايل»، شرحوا ما يمكن أن يقدمه المستقبل في هذا المجال.
التكامل التكنولوجي والذكاء الاصطناعي:
قبل عقد من الزمان فقط، كانت فكرة الذكاء الاصطناعي تبدو كأنها حلم مستقبلي. لكن المستقبل هو الآن، إذ أوضح جيف بالوتش المدير الإداري العالمي للجمال المعزز والابتكار المفتوح في مجموعة «لوريال»، أن إحدى الطرق، التي سيستمر الذكاء الاصطناعي في تغذية الابتكار بها، هي تطوير المنتجات وتصميمها وتصنيعها. وقال بالوتش: إن علماء الأحياء الحاسوبية يستخدمون الذكاء الاصطناعي؛ لتوجيههم في اكتشاف جزيئات جديدة، ويسرع الذكاء الاصطناعي الاكتشاف مع الحاجة الأقل إلى التجربة والخطأ، مضيفاً أنه كان هناك نطاق ضيق للغاية من الابتكار، لكن الطلب من المستهلكين هائل.
من جانبها، أكدت سيينا بيتشيوني، رئيسة قسم التجميل بشركة «التنبؤ بأحدث الاتجاهات» (WGSN)، أن الذكاء الاصطناعي سيحد من إهدار الموارد المستخدمة في الإنتاج، مستشهدة على ذلك بأن شركة التكنولوجيا الحيوية «نوريتاس»، تمكنت من ابتكار أول ببتيد مطابق للطبيعة اكتشفه الذكاء الاصطناعي، وبالتالي سيؤدي هذا الاكتشاف إلى تقليل الاعتماد على المكونات الطبيعية، التي لم تعد مستدامةً كما كانت في الماضي.
طفرات في علوم الجلد:
أثرت تطورات التكنولوجيا الحيوية في تطور العناية بالبشرة، وأدت إلى ظهور مكونات متجددة، مثل: عوامل النمو والببتيدات العصبية (المعروفة أيضًا باسم البوتوكس الطبيعي)؛ والابتكارات في أنظمة التوصيل مثل تقنية التغليف، وغيرها. وأكدت الكيميائية التجميلية، إستر أولو، أن العالم لا يزال في المراحل الأولية من البحث حول ميكروبيوم الجلد، والمنتجات التي تدعم النباتات الطبيعية لبشرتنا، وبالتالي الحفاظ على الحاجز، ومعالجة مشاكل، مثل: حب الشباب والإكزيما، والمكونات المحاكية للحيوية، التي يُعتقد أنها أكثر فاعلية في مكافحة الشيخوخة؛ لأنها تحاكي الوظائف الطبيعية للجلد.
وقالت أولو: إن هذا ما سيتم التركيز عليه في السنوات المقبلة، إذ سيستكشف العلماء المزيد من المكونات المخمرة بيولوجياً، التي قد تقدم فوائد مماثلة للريتينول وأحماض ألفا هيدروكسي، لكن مع تهيج أقل. وفي السياق ذاته، توقع جارود فرانك، طبيب الأمراض الجلدية في نيويورك، أن هناك موجات كبيرة من الأبحاث حول الطب التجديدي والإكسوسومات والخلايا الجذعية قادمة في الطريق، ما يزيد التأثير التحويلي في مشهد العناية بالجلد.
الاهتمام الأوسع بالمكملات والفيتامينات:
تعد العناية بالصحة والعافية جزءاً لا يتجزأ من عالم العناية بالجمال، فالمكملات الغذائية والفيتامينات مسار أساسي من مسارات العناية بالبشرة والصحة بشكل عام، لذا تلجأ شركات عدة إلى إحداث طفرات في هذا العالم أيضاً. واستشهد علماء وخبراء الجمال بأن مشاهد الصحة والعافية، المتعلقة بالجمال، أصبحت جزءاً أساسياً من المظهر العام خلال السنوات الماضية، وقد انتشر العصير الأخضر للحفاظ على الجمال، بالإضافة إلى مظهر البشرة الندية والشعر اللامع الصحي كدليل على صحة الجسم من الداخل، قبل مظهره الجمالي من الخارج.
إطالة العمر:
رغبة الجميع في الاختراق البيولوجي جانب من جوانب الجمال والعناية الذاتية، ما دفع الكثيرين للاهتمام بالصحة والعيش لأطول فترة ممكنة بصحة وجمال، لذلك بدأت العلامات التجارية التركيز على تطوير منتجات تؤثر في الجلد على المستوى الخلوي، وتستهدف الشيخوخة البيولوجية، التي يمكن إبطاؤها أو عكسها. وستصبح المكونات، التي تركز على طول العمر، مثل: «Urolithin A، وNAD، وGlutathione»، جزءاً من لغة العناية بالبشرة، وسيتحول الروتين إلى التركيز بشكل أكبر على إيقاف الضرر قبل أن يبدأ. وفي ضوء ذلك، أعلنت شركة «Estée Lauder»، مؤخراً، عن مبادرة طويلة المدى لطول العمر بالاشتراك مع مركز ستانفورد لطول العمر، والتي ستغذي البحث وتطوير المنتجات، ويبدو أن «جيل Z» يعيش لفترة أطول من الأجيال السابقة، فأفراده حريصون على الحفاظ على صحتهم ومظهرهم الشبابي لأطول فترة ممكنة، وسيستثمرون في القيام بذلك.
حتمية الشمول:
عندما أطلقت «فينتي بيوتي»، عام 2017، مجموعة من كريم الأساس بأربعين لوناً، أشعلت محادثة عاجلة حول العلامات التجارية للجمال والشمول والافتقار التاريخي إليها، حيث قالت أولو إن بعض الشركات، مثل: «مايبيلين، وميك أب باي ماريو، وهاوس لابس، وميك أب فور إيفر»، قامت منذ ذلك الحين بتوسيع عروض الظلال، بينما تعرضت شركات أخرى لانتقادات مستحقة، بسبب الإيماءات الرمزية. وبينما تعهد تجار التجزئة، مثل: «تارجت، وسيفورا»، بتخصيص 15% من مساحة الرفوف للعلامات التجارية المملوكة لأصحاب البشرة السمراء، تقول نياكيو غريكو، المؤسس المشارك لشركة «ثيرتين لون»، ومؤسس شركة «ريليفانت سكين كير»: منذ عام 2021، نشهد انخفاضاً في تمويل العلامات التجارية للجمال المملوكة لأصحاب البشرة السمراء، والتي أثبتت نجاحها ونطاقها، وفي حين دفعت جهود (التنوع والعدالة والاندماج DEI) المحادثة إلى الأمام، فإننا نشهد تباطؤاً في التمويل، وهو أمر غير منتج.