مسلسلات رمضان
"حق الدم".. فئة الأشخاص هذه مخولة للحصول على جواز السفر الأوروبي
29/09/2024

لطالما علمت الكاتبة، ليزا ويكسون، وهي من مدينة نيويورك الأمريكية، أنّ أمامها طريق طويل للحصول على هوية من دول الاتحاد الأوروبي من خلال جدّها الأكبر من جهة والدتها، والذي وصل إلى الولايات المتحدة في عام 1906 من غرب كرواتيا. وكرواتيا هي واحدة من بين العديد من دول الاتحاد الأوروبي التي تعترف بـ"حق الدم" (jus sanguinis)، والذي يمكن استخدامه للحصول على الهوية عن طريق النسب، وهو عكس "حق الأرض" (jus solis)، الذي يمنح الهوية فقط على أساس مكان ميلاد الشخص.

لكن لم تكن الهوية الكرواتية أمرًا توقعت ويكسون أنّها ستتمكن من اكتسابه من دون مواجهة عقبات كبيرة إلى أنّ تم تبسيط بعض المتطلبات الأكثر صرامة بالبلاد في الأول من يناير/كانون الثاني من عام 2020. وقبل ذلك، اشترطت كرواتيا على المتقدمين الذين يمكنهم تتبع نسبهم إلى كرواتيا إجراء اختبار لغوي للتقدم بطلب للحصول على الهوية.

وقالت ويكسون، التي تقضي بين خمسة وستة أسابيع في أوروبا سنويًا: "كأم مشغولة وشخص لا يتمتع بالوقت للذهاب والعيش في كرواتيا، لم يكن هناك أي طريقة يمكنني من خلالها تخيل إتقان اللغة الكرواتية". ومن ثم في وقت سابق من هذا العام، بعد العودة من رحلة إلى أيرلندا وفرنسا والشعور برغبة في العثور على طريقة للبقاء لفترة أطول في أوروبا، تصفّحت ويكسون الإنترنت واكتشفت أنّ كرواتيا قد ألغت شرط  إتقان اللغة للمتقدمين للحصول على "حق الدم". وشجّعها ذلك على تعيين محامٍ لضمان تقديم المستندات بشكل صحيح لتجنب أي تأخير في العملية.

طرق عدة للحصول على هوية أوروبية

إذا كان بإمكانك تتبع تاريخ أسلافك لمعرفة أماكن ميلادهم في مجموعة من البلدان الأوروبية، فقد يكون لديك فرصة للحصول على الهوية أيضًا. وكتبت صوفي جو واسون وهي مشرفة العملاء الخاصة في مكتب لندن للمحاماة المتخصص في الهجرة والتابع لشركة "Fragomen" ، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "ستسمح غالبية دول الاتحاد الأوروبي بالحصول على الهوية من خلال النسب، ولكن متطلبات التأهل الدقيقة تختلف بشكلٍ كبير من دولة إلى أخرى".

وشرحت واسون قائلة: "من خلال تجربتنا، تشمل البلدان الأكثر طلبًا إيطاليا، وإسبانيا، والنمسا، وبولندا، وأيرلندا، ورومانيا"، وأشارت إلى أنّ جمهورية التشيك، والمجر، وكرواتيا من بين الدول الأخرى التي تقدم طرقًا للحصول على الهوية من خلال حق الدم. ولكل دولة معايير تأهل خاصة بها للحصول على الهوية من خلال النسب، وقد تستغرق معالجة الطلبات عامًا، أو عامين، أو أكثر.

التعويض عن الماضي

تستخدم بعض الدول برامجها المتعلقة بمنح الهوية لتعوِّض عن الفظائع التي ارتكبتها في الماضي، وقد تكون ألمانيا المثال الأكثر وضوحًا على ذلك. وتقدم ألمانيا الهوية للأشخاص الذين يستطيعون إثبات أنّ أسلافهم كانوا من المواطنين الألمان السابقين والذين تعرضوا للاضطهاد من قبل النازيين بين 30 يناير/كانون الثاني من عام 1933 و8 مايو/أيار من عام 1945، وبالتالي حُرِموا من هويتهم.

وتُقدِّم المجر الهوية على أساس "حق الدم" أيضًا مع بعض التحفظات. وتم تبسيط قانون "حق الدم" في المجر في عام 2011 لتوسيع إمكانية التأهل للأشخاص الذين يعيشون في المناطق التي كانت جزءًا من المجر سابقًا، وأحفاد المجريين الذين يتحدثون اللغة المجرية، والذين يستطيعون تقديم دليل على أصولهم المجرية.

في ذلك الوقت أدرك فيرينك كوسزوروس، وهو مواطن أمريكي يتحدث المجرية، أنّه تمتع بمسار مباشر بشكلٍ أكبر للحصول على الهوية المجرية. ووُلِد جد كوسزوروس من جهة والده في المجر، وخدم كعقيد في الجيش المجري. واضطر جدّه إلى الفرار من البلاد أثناء الحرب العالمية الثانية بعد أن منعت فِرقته انقلابًا من قبل القوات الموالية للنازيين.

ويُنسب إليه الفضل في إنقاذ الآلاف من اليهود المجريين من الترحيل إلى معسكرات الموت النازية.  ومن ثم فرّ الجدّ إلى ألمانيا الغربية، حيث وُلِد والد كوسزوروس. وسافرت الأسرة لاحقًا إلى الولايات المتحدة. وقال كوسزوروس: "اضطر جدي وجدتي إلى مغادرة البلاد قسرًا. كان من المهم جدًا بالنسبة لي أن أحظى بهذه الصلة بوطني الأصلي وأن أحافظ على هذا التراث والثقافة".

دول البلطيق

تقدّم بعض دول البلطيق أيضًا طرقًا للحصول على الهوية، بحسبما اكتشفت جانا جرابر، المقيمة في ولاية كولورادو الأمريكية، وهي محررة مجلة "Go World Travel". وأوضحت جرابر: "وُلِد جدي في ريغا بلاتفيا، ونشأ هناك. وخلال الحرب العالمية الأولى، عندما وصلت الحرب إلى ريغا، انفصل عن والدته وشقيقته في سن الرابعة عشرة عندما تعرض الجسر الذي كانوا يعبرونه للقصف. سقط (جدي) في الماء، وعندما وصل إلى الجانب الآخر من النهر، كان وحده. ولم يتمكن من العثور عليهما قط".

ووصل جد جرابر إلى الولايات المتحدة في عام 1919، وتوفي في عام 1968 قبل استعادة لاتفيا استقلالها في عام 1991. وعندما قررت جرابر السعي للحصول على الهوية اللاتفية، كان الهدف هو التصالح مع الماضي. وأفاد ريتشارد أوربيدانس، وهو شريك في "Baltic Migration"، أنّ الأشخاص الذين يسعون للحصول على الهوية اللاتفية أو الليتوانية يجب أن يثبتوا أنّ أحد الوالدين، أو الجدين، أو الأجداد العظماء على الأقل كان مواطنًا، أو وُلِد في تلك البلدان.

كيفية التعامل مع عملية البحث

وتقدّم واسون بعض النصائح للأشخاص الذين لديهم أسلاف يتمتعون بجذور في أوروبا. وقالت في هذا السياق: "الهوية عن طريق النسب هي عملية مفصَّلة للغاية تتطلب الكثير من المدخلات من مقدِّم الطلب". ومن ثم أضافت: "أفضل نصيحة نقدمها لمن يبدأون العملية هي قضاء الوقت في البحث عن سلالتك، أو حتى التواصل مع عالم أنساب. ولكي يتمكن محامي مختص في الهويات من إبداء رأيه بشأن أهليتك للحصول على الهوية، سنحتاج إلى معرفة أكبر قدر ممكن من المعلومات".