|
الطفلة المصرية إيمان رشاد |
ويقول رشاد ربيع، والد إيمان عن تلك الفترة: "كان قلبي وقلب زوجتي يتفطران عندما نراها رضيعة من دون ذراعين، ونجلس بالساعات نفكر في مستقبلها، وقدرتنا على مساعدتها رغم فقرنا الشديد، إلا أن رحمة الله كانت أوسع بكثير من ضيق صدورنا، فما إن بلغت إيمان عامها الثاني حتى وجدناها بقدرة ربانية تؤدي بقدميها كثيراً من الحركات التي يؤديها الأطفال في سنها بأيديهم، فكانت ترفض أن نطعمها نحن وتطعم نفسها بقدميها، وشيئاً فشيئاً وجدناها تعتمد على نفسها في نظافتها الشخصية، وفي قضاء كل احتياجاتها من مأكل ومشرب، ورحنا نحن بدورنا نساعدها ونشجعها على ذلك".
"وما كان يحمسنا أكثر - يضيف الأب - لتدريبها على أداء كل مهام اليد بالقدم أنها كانت سريعة التعلم جداً، حتى إنه أصبح من الصعب أن ينقصها شيء في حياتها لكونها من دون ذراعين". ونظراً لتفوق إيمان في استخدام قدميها بدلا من يديها مثل أقرانها، ألحقها والدها بحضانة قريبة من المنزل، حيث تعلمت فيها مبادئ القراءة، وأظهرت قدرتها على الكتابة بخط جميل بقدمها، وهو ما شجع والدها على أن يُصرّ على التحاق ابنته بأقرب مدرسة لمنزله.
وعندما وجد أن القوانين تمنع دخول الأطفال المعاقين مثل إيمان المدارس العامة، رفض ذلك التمييز، وراح يشكو للمسؤولين الظلمَ الواقع على ابنته وأمثالها، ويطالب بحقها في أن تتعلم مثل أقرانها، خاصةً أنها تتقن الكتابة بقدمها، وتحفظ كثيراً من القرآن. وعن التحاقها بالمدرسة يقول والد إيمان: "تقدمت بشكاوى لكل المسئولين، ورغم عدم درايتي الكاملة، ذهبت إلى مبنى وزارة التربية والتعليم، وطلبت مقابلة الوزير، وتقدمت إليه بشكوى عن حال ابنتي، وأمام إلحاحي أمر بتشكيل لجنة لاختبار إيمان على أرض الواقع، والتأكد من أنها تستطيع بقدميها أن تكتب وتقوم بكل المهام المطلوبة في العملية التعليمية مثل الأسوياء، وأمام اللجنة التي شكلها الوزير كتبت إيمان "بسم الله الرحمن الرحيم، اسمي إيمان رشاد ربيع"، وهو ما أبهر كل أعضاء اللجنة الذين أصدروا قرارهم بالتحاق إيمان بالمدرسة.
وداخل فصول مدرسة "دريسة بني سلامة" الابتدائية راحت إيمان منذ أول يوم التحقت فيه بالمدرسة تبهر مدرسيها بحضورها القوي، وقدراتها على الكتابة بخط جميل، وهو ما أهَّلها لأن تصبح واحدة من الأوائل على مدرستها. إلى جانب تفوقها الدراسي فقد برعت إيمان في الرسم منذ عرفت كيف تمسك بالفرشاة بقدميها، وراحت ببراعة ترسم لوحات حصدت بها جوائز ضمن مسابقات تم تنظيمها على مستوى الجمهورية.
وعن أحلامها تقول إيمان: "أتمنى أن يصبح عندي كمبيوتر أنا وإخوتي حتى أستفيد منه في دراستي، وأحلم في المستقبل بأن أصبح طبيبة، وأعرف أن كلية الطب لا يلتحق بها إلا المتفوقون، وأنا متفوقة جدا في فصلي، ودائما ضمن الأوائل، وأتمنى أن أسعد أبي وأمي وإخوتي بأن أصبح حاجة كبيرة". ويلتقط والدها الحديث قائلا: "أملي في الله كبير بأن تصبح أول طبيبة من دون ذراعين".